اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 66
وتتقربون بشكر نعمه الفائضة عليكم في أمثال هذه المضائق الى ذاته إذ بشكر نعمه يحصل التقرب اليه
وَلذلك اخبر سبحانه نبيه إرشادا لعباده الشاكرين لنعمه عن تقربه إليهم بقوله إِذا سَأَلَكَ ايها الداعي للخلق الى الحق عِبادِي الشاكرين لنعمي عَنِّي بقولهم اقريب إلينا ربنا فنناجيه مناجاتنا لنفوسنا أم بعيد منا فنناديه نداءنا للاباعد عنا قل لهم يا أكمل الرسل في جوابهم نيابة عنى فَإِنِّي قَرِيبٌ لهم من نفوسهم بحيث أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ اى استقبله مسرعا لإجابة دعائه كما نطق به الحديث القدسي حكاية عنه سبحانه فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي في عموم مهماتهم وحاجاتهم وَلْيُؤْمِنُوا بِي معتقدين إيصالي إياهم الى غاية متمناهم إذ لا مرجع لهم غيرى ولا ملجأ لهم سواي وانما أخبروا بما أخبروا وأمروا بما أمروا لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ رجاء ان يهتدوا الى مقر التوحيد راشدين مطمئنين اهدنا بلطفك الى مقر عزك يا هادي المضلين
ثم أشار سبحانه الى بيان احكام الصوم مما يتعلق بالحل والحرمة فيه فقال أُحِلَّ لَكُمْ ايها الصائمون لَيْلَةَ الصِّيامِ دون نهاره إذ الإمساك عن الجماع في يوم الصوم مأخوذ في تعريفه شرعا ايضا الرَّفَثُ الوقاع والجماع إِلى نِسائِكُمْ اى معهن إذ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ لا تصبرون أنتم عنهن لاقتضاء طبعكم وميل نفوسكم إليهن وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ ايضا لا يصبرن عنكم لاشتداد شهوتهن الى الوقاع بأضعاف ما أنتم عليه وانما رخص لكم الوقاع في الليالى إذ قد عَلِمَ اللَّهُ المحيط بسرائركم وضمائركم منكم أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ اى توقعونها بأيديكم الى التهلكة والخيانة فتعاقبون عليها وتحرمون انفسكم عن جزاء الصوم المتكفل له الحق بذاته كما قال صلّى الله عليه وسلم حكاية عنه سبحانه الصوم لي وانا اجزى به وإذا علم الله سبحانه منكم ما علم فَتابَ عَلَيْكُمْ اى أقدركم على التوبة ووفقكم عليها وَعَفا قد أزال ومحا عَنْكُمْ ما يوقعكم الى الفتنة والعذاب وهو تحريم الرفث في الليلة ايضا وبعد ما رخص لكم الوقاع فيها فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ اى الصقوا بشرتهن ببشرتكم في ليلة الصيام المرخصة فيها الجماع ولا تخافوا من عقوبة الله بعد ما اذن وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ اى اطلبوا سرائر ما قدر الله لكم من الولد الصالح المتفرع على اجتماعكم مع نسائكم إذ سر الجماع والنزوع انما هو إبقاء نوع الإنسان المصور على صورة الرّحمن ليترقى في العبودية والعرفان الى ان يستخلف وينوب عنه سبحانه وَكُلُوا في ليلة الصيام وَاشْرَبُوا فيها حَتَّى يَتَبَيَّنَ يعنى الى ان يظهر لَكُمْ بلا خفاء الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ اى البياض الممتد الذي يقال له في العرف الصبح الصادق مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ البياض المتوهم قبل الصبح الصادق المعبر عنه بالصبح الكاذب وكلاهما مِنَ الْفَجْرِ الذي هو عبارة عن آخر الليل ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ من الوقت المبين إِلى ابتداء اللَّيْلِ وهو غروب الشمس بحيث لا يرى في الأفق الشرقي بياض وحمرة منها وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ في ليلة الصيام ايضا وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ معتكفون فِي الْمَساجِدِ إذ الاعتكاف في الشرع عبارة عن اللبث في المسجد على نية التقرب فيبطله الخروج الا الى التوضى والطهارة. والجماع فيه ليس بمرخص شرعا تِلْكَ الاحكام المذكورة حُدُودُ اللَّهِ الحاجزة بينه وبين نفوس عباده فلكم ان لا تجاوزوا عنها فَلا تَقْرَبُوها ايضا الى حيث يتوهم تجاوزكم عنها كَذلِكَ اى كالحدود والاحكام المأمورة والمنهية المذكورة يُبَيِّنُ اللَّهُ الهادي عموم عباده الى وحدة ذاته جميع آياتِهِ اى دلائله الدالة على وحدة ذاته لِلنَّاسِ الناسين العهود السابقة بواسطة تعيناتهم لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ رجاء ان يحذروا عنها بسبب اشراق نور الوجود
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 66